تتعاقب الفصول على الناس والمؤمن الحق من وقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها قولا وعملا .
لم ترد كلمة الشتاء في القرآن الكريم سوى مرةً واحدة وذلك
في قوله تعالى : ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ) .
قال عمر رضي الله عنه : ( الشتاء غنيمة العابدين ) .
وقال أبن مسعود: ( مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام ).
نفس الشتاء
قال رسول : ( أشتكت النار إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير ) متفق عليه .
* والمراد بالزمهرير شدة البرد .
قال أبن رجب : فإن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم .
وهذا مايوجب الخوف والأستعاذة منها ، فأهل الأيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم يذكرهم بما هناك من النعيم والجحيم حتى و أن شعر القوم بالبرد القارس فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم ، ويوجب لهم الاستعاذة منها ، ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول عزوجل ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) [الأنسان:13]قال أبن رجب : فنفى عنهم شدة الحر والبرد . قال قتادة : علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعاً .
فيدفعهم هذا الى النصب والى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالأخرة .
- - - - - - - - - -
ما يقال عند هبوب الريح
عن عائشة رضي الله عنها قال : كان رسول الله إذا عصفت الريح
قال : اللهم أني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به . رواه مسلم
النهي عن سب الريح
لقول الرسول : ( الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها ) رواه أبوداود وغيره .
والنهي عن السب وذلك لأنها مسخرة مذللة فيما خلقت له ومأمورة بما تجيء به من رحمة وعذاب .
- - - - - - - - - -
ما يقال عند سماع الرعد
كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : ( سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ثم يقول : أن هذا لوعيد لأهل الأرض لشديد )
رواه البخاري في الأدب المفرد وسنده صحيح موقوفًا كما قال النووي .
- - - - - - - - - -
ما يقال عند رؤية السحاب ونزول المطر
عن عائشة أن النبي كان أذا رأى ناشئًا في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة ثم يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من شرها )
فأن مطر قال : ( اللهم صيبًا هنيئًا ) رواه أبودواد بسند قوي ، وعند البخاري ( اللهم صيبًا نافعًا ) وعند البخاري ومسلم ( مطرنا بفضل الله ورحمته )
* الناشئ : السحاب الذي لم يتكامل اجتماعه _ الصيب : هو المطر الذي يجيء ماؤه
الدعاء لا يرد وقت نزول المطر
قال الرسول : ( ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء وتحت المطر )
رواه الحاكم وحسنه الألباني ،،
قال المناوي : أي لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة .
من فعل النبي عند نزول المطر
عن أنس رضي الله عنه قا ل: أصابنا مع رسول مطر فحسر – أي كشف –
رسول الله ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله : لم صنعت هذا ؟
قال : لأنه حديث عهد بربه . رواه مسلم
ما يقال خشية التضرر عند زيادة المطر
قال الرسول في مثل هذا الحال : ( اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم الآكام والضراب وبطون الأدوية ومنابت الشجر ) رواه البخاري .
* الآكام : التلول المرتفعة من الأرض _ الضراب : الروابي والجبال الصغار .
نزع البركة من المطر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول قال : ( ليست السنة بأن تمطروا ، ولكن السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا ) رواه مسلم ،،
قال النووي : المراد بالسنة هنا القحط .
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء قال : يا أهل القرآن طال ليلكم طويل لقراءتكم فاقرؤوا ، وقصر النهار لصيامكم فصوموا .
- - - - - - - - - -
الغنيمة الباردة
قال رسول : ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) رواه أحمد وحسنه الألباني .
* قال الخطابي : الغنيمة الباردة أي السهله ولأن حرة العطش لاتنال الصائم فيه .
قال أبن رجب : معنى أنها غنيمة باردة أنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة ، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة .
فحري بك أقتناص هذه الغنيمة لا سيما في الأيام الفاضلة مثل الأثنين والخميس أو الأيام البيض ونحو ذلك .
قال الحسن: ( نعم زمان المؤمنالشتاءليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه ) .
ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام ، وفي نهاره بعدم الصيام .
ورحم الله معضداً حيث قال : ( لولا ثلاث: ظمأ الهواجر ، وقيام ليل الشتاء ، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما بالبيت أن أكون يعسوباً ) .
- - - -
هذا خبر من قبلنا ، أما خبر أهل زماننا فنسأل الله أن يصلح الأحوال ، تضييع للفرائض
والواجبات ، و أجتراء على حدود رب الأرض والسموات ، وسهرٍ على ما يغضب الله ، ويظلم القلب ، ويطفىء نور الأيمان .