سيدنا زكريا وابنه يحيى هما رسولان من رسل بني إسرائيل، وقد ذكرهما الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ...} وما بعدها. {وَزَكَرِيَّا
سيدنا زكريا وابنه يحيى هما رسولان من رسل بني إسرائيل، وقد ذكرهما الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ...} [الأنعام: 83] وما بعدها. {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِين} [الأنعام: 85]. كان أحد ملوك ذلك الزمان بدمشق طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه وهو الملك هرودوس، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك.
لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج.
لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له.
فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام لما قُتل يحيى وسمع أبوه بقتله فرّ هارباً فدخل بستاناً عند بيت المقدس فيه أشجار، فأرسل الملك في طلبه، فمرّ زكرياء بالشجرة، فنادته: هلمّ إليّ يا نبيّ الله فلمّا أتاها انشقّت فدخلها، فانطبقت عليه وبقي في وسطها، فأتى عدوّا الله إبليس فأخذ هدب ردائه فأخرجه من الشجرة ليصدّقوه إذا أخبرهم، ثمّ لقي الطلب فأخبرهم، فقال لهم: ما تريدون? فقالوا: نلتمس زكرياء، فقال: إنّه سحر هذه الشجرة فانشقت له فدخلها، قالوا: لا نصدّقك قال: فإنّ لي علامة تصدّقوني بها؛ فأراهم طرف ردائه، فزخذوا الفؤوس وقطعوا الشجرة باثنتين وشقّوها بالمنشار، فمات زكرياء فيها، فسلّط الله عليهم أخبث أهل الأرض فانتقم به منهم. لذلك سمي يحي ابن زكريا عليه السلام الشهيد ابن الشهيد...