كُن معي لـ الآخر، فهناك ما يُثيرك حقّاً . . كل من على هذا الكون من البشر وعلى هذه البسيطة ، يبحثون عن شئ واحد فقط ، يسعون جاهدين بحثاً عنه في كلّ زمانٍ ومكان ، في كلّ قولٍ و عمل دنيوي أو أخروي ، في الخير والشر ، بين الأحياء والأموات ، فالبعض يقتل وينهب ويسفك الدماء ويهلك الحرث والنسل ، وبعضهم يعبد الله ممتثلاً لأوامره ومُجتنباً لنواهيه ، وبعضهم ما بين وبين ، كلّ أولئك البشر يبحثون عن شئ واحد ، ألا وهي [ السعادة ] ! ما هي السعادة الحقيقيّة ؟ احتار الكثير من عُلماء الدين و الفلسفة و النفس في تعريفها والوصول إلى كوامنها ، فاتفقوا على شئ واحد ألا وهي [ الطمأنينة ] . الإحساس بالطمأنينة هو التخلّص من بواعث كآبة الماضي وعدم الحزن على ما مضى ، والأمن والأمان وعدم الخوف على المُستقبل ، هو الحاضر بـ الحضور الكامل اللحظي [ الآن ] للروح والعقل والجسد والنفس . هناك من لا يُفرّق بين السعادة والمُتعة / اللذة المؤقتة التي تنتهي حال ذهابها أو ذهاب أسبابها أو الملل منها ، فالسعادة الحقّة هي الوفاء الدائم الذي يُلازم صاحبه في العُسر واليسر ، هي الصبر حال المُصيبة والرضى واحتساب الأجر ، والظن بأن الله لا يبتلي إلا من يُحبّ ومن ثمَّ [ الإطمئنان ] لذلك والفرح لهذه المحبّة ، كما انها الشكر على النعمة والجزاء من ربّ العباد ، هي الخيرين معاً في السرّاء والضرّاء ، أمّا اللذة المؤقتة فهي نوعين إما أن تكون حلالاً أو حراماً ، فالحرام تذهب لذته بالأسباب التي ذكرناها ، وفي حال ذهابها مباشرة ينحرج الصدر ويضيق أكثر مما كان عليه ، ومع ذلك الضيق تتراكم فوق رأسه الذنوب والسيئات التي هي من أسباب جلب المصائب غالباً !