الليلة ، أكتب لكِ هذه الرسالة بنصف قلم يذوي جّراء رحيلكِ الذي سلب ألوان طيفي
و تركت النصف الآخر معزولاً في غرفة سوداء لكي لا يستشعر وعثاء فقدكِ و ينكسر .
الليلة ، أبكيكِ بعين واحدة تتأوه لهذا الرحيل القاسي و أغمضت الأخرى لكي تستطعم حُضوركِ و تنام بخدر ذكراكِ . هل تعلمي بأني لم أستشعر شتائي إلا بعد رحيل صيفكِ عن فصولي ؟ كم هو مزعج ألم الصفعة في هذا البرد ! لم أستشعر قُوتها بذات اللحظة
و اكتفيت بالنظر إلى مرآة غروبك لأرى المتاهات المعّقدة التي صنعها
صدى صوتكِ المنزوع في ملامحي . إني أكتب هذه الرسالة و أنا على منحدرٍ يُسقطني من قمّتكِ التي سكنتها طويلاً ،
أحاول التشبث بكل ما هو أمامي لأعاود الصُعود إليكِ ،
و لكن كل مُحاولاتي لا تأبه لرغبتي ، فأظل ذلك المجروح الذي آلمته أحجار ذكراكِ و أنا أتدحرج إلى نقطة البداية فيما بيننا ،
أي قبل أن أعرف نبضكِ أساساً . مزعجٌ هو ذلك الإحساس ،
أليس كذلك ؟
العودة إلى الخطوة الأولى بعد وُصولنا للأخيرة و مُروراً بكل الأحاسيس التي منحتني شرف الصعود لقلبكِ ،
هل من السهل أن أراكِ مرةً أخرى و كأني لا أعرفكِ ؟ أحس جيداً بثِقل هذا الأمر على كاهلي و أدرك صُعوبة تصديقه بعد أن عشت بأحلامكِ سنيناً طِوال . اشتاقكِ ، كاشتياق الطفل لحلمة أمهِ ..
اشتاقكِ ، كإشتياق المروج للمطر .. و أعيش على نصف شوق ،
و أصطنع أنصاف البهجة ، لتُكملي نصف شوقي الآخر ،
و تأخذيني إلى البهجة الحقيقية في داخلكِ الذي أحبه . ،
فكم راقت لي معزوفة هذه الحروف