مشاهدة النسخة كاملة : للبكم مقهى في القاهرة.. والمشاعر لغة تواصلهم الوحيدة..


دانيال
06-30-12, 03:16 PM
على رغم أنف المجتمع لابد أن نعيش.. هذه الكلمات الموجعة أطلقوها عبر لغة الإشارة في أحد المقاهي التي اشتهرت ب‍‍ـ«مقهى البكم» لكثرة ترددهم عليه.. وعلى رغم نظرات الاندهاش والاستغراب التي يواجههم بها المجتمع، وكأنهم كائنات من كوكب آخر أو مخلوقات غير المخلوقات؛ لايزالون يصرون على أبسط حقوقهم في الحياة؛ مجرد الالتقاء على مقهى، حتى وإن حرمهم القدر من نعمتي النطق والسمع واختار لهم أن يكونوا من الصم والبكم!!

مدير جمعية الصفا لرعاية الصم والبكم، ومترجم للغة الإشارة، وقبل ذلك هو ابن لأب وأم من الصم نبيل ربيع، يقول: أي مقهى يجتمع فيه البكم ويشتهر بهم ينبثق في الأساس من جمعية لرعايتهم تتواجد في المكان نفسه، لذا كان مقهى السيدة زينب أول مقهى يلتقون فيه بعد أن شُيدت في الحي نفسه أول جمعية لرعايتهم (في أربعينيات القرن الماضي)، أما الثاني فكان في شارع 26يوليو، وقد شهد هذا المقهى أكبر تجمع من الصم والبكم لوجود واحدة من أهم جمعياتهم، وكان رئيسها المرحوم محمد عبدالحميد الذي اتصف بالزعامة واتخذ من المقهى موقعا لحل مشكلات هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء مع الجهات الحكومية أو فيما يتعلق بأمورهم الحياتية، فكان مقهى البكم بمثابة مجلس لتنفيذ مواعيد الحق وحل المشكلات على اختلاف أنواعها.

ويضيف: يبلغ عدد المقاهي التي يقصدها البكم التي اشتهرت بهم حوالي 5 مقاهٍ تقريبا في أحياء مدينة نصر وفيصل والمطرية ومقهى حدائق القبة الذي يكتسب أهمية خاصة إذ أنشأه أحد البكم القادرين ليكون مقصدا للصم والبكم، وإن كان يقصدها بعض المتحدثين.. وعلى رغم زيادة عدد المترددين على المقاهي من الصم بشكل يصل أحياناً إلى 70 فرداً إلا إنهم يمقتونها كثيرا لكنها وسيلتهم الوحيدة للهروب من فراغهم القاتل، فنسبة كبيرة منهم يعانون البطالة.

في كواليس المقهى

حاتم طه أحد أبطال هذا التحقيق لا يسمع تماما، ولكنه يطلق بعض الكلمات المفهومة، كان يعمل في إحدى الشركات البيطرية، وهو الآن على المعاش يقول عبر الإشارة التي ترجمها نبيل ربيع إلينا: لا أدمن الجلوس داخل المقاهي ولكن الجمعيات المنوطة برعايتنا صغيرة وضيقة ولا تستوعبنا، لذا نضطر للجوء إلى المقهى لكونه المتنفس الوحيد حتى وإن كنت أخجل من التصريح بارتيادي له لكنه الملتقى الذي نجتمع فيه أنا وأصدقائي من البكم ونستطيع من خلاله أن نتواصل مع بعضنا بعضاً وأن نتفق على الخروج في رحلات جماعية، لكني أتمنى أن يصبح لنا ناد اجتماعي يتيح فرصة التواصل بين أسرنا بشكل أفضل خصوصاً أن زوجاتنا وبناتنا محرومات من فرصة الخروج والتنفس لعدم وجود مكان يصلح لهن والمقهى لا يناسبهن.

ويضيف أنور محمد حسنين (أصم يعمل في شركة تلي مصر): أحيانا أصطحب أسرتي ونخرج سوياً في نزهة إلى أحد الأندية أو الأماكن العامة لكننا نجد أنفسنا محاطين بنظرات استنكار الآخرين واندهاشهم، وهذا ما لا تستطيع عائلتي أن تتحمله مما يجعلنا نفضل عدم الخروج إلى هذا المجتمع!

ويكمل: لا يمكننا التواصل مع الأشخاص الطبيعيين «المتحدثين» اللهم إلا قلة من المترجمين أو من الذين يبدون رغبتهم في الاختلاط بنا، ونادرا ما يحدث ذلك خصوصاً في المقهى، غير أنه في إحدى المرات انضم إلينا أحد المتحدثين ظناً منه أن أسعار مشروباتنا تكون مخفضة وعندما اكتشف أن الأسعار هي ذاتها تركنا وذهب على الفور!! أما من يضطرون للتواصل معنا فهم عادة من سائقي الميكروباصات والباعة لكنني أظن أن المستقبل سيختلف كثيرا وسيضطر المجتمع للحوار معنا بعد أن وصل تعدادنا إلى حوالي 5 ملليين أبكم.

اللمس لغة التواصل

عمرو محمد لا يعمل وتزيد احتياجاته عن الآخرين، فهو يجمع بين إعاقة الصمم إضافة إلى كونه مكفوفاً، يشير: أنا لا أسمع شيئاً ولا أتكلم ولا أرى هذه القهوة لكني أحبها كثيرا لأنها تجمعني بأصدقائي من الصم والبكم الذين يتواصلون معي عبر لغة الإشارة من خلال حاسة اللمس، إذ إنني لم أكن كفيفا منذ طفولتي وإنما كنت أرى في مراحل عمري المبكرة، لذا استطعت إتقان لغة الإشارة وهي وسيلتي في التواصل مع أصدقائي ولكن عن طريق اللمس، إذ يمسك أحدهم يدي ويشير بالحركة فأستطيع استيعاب مضمون الحوار.

ويضيف: أتحدث إلى أصدقائي في هذا المقهى عن مشكلاتي ومشكلاتهم العامة والخاصة وقد وجدتهم إلى جانبي عندما قررت الزواج للمرة الثانية لأنني لم أكن سعيدا في زواجي الأول رغم أن الزوجة كانت طبيعية تماما ولكننا لم نتمكن من التفاهم فيما بيننا، أما الزوجة الثانية فكانت من الصم والبكم، استطاعت أن تفي بكل احتياجاتي النفسية خاصة، وأنجبنا طفلين صحيحين ولا يعانيان مشكلاتنا نفسها.

مشكلاتهم بين رفض وقبول المجتمع

ما الموضوعات التي تشغلهم ويلتفون حولها؟

هاني برهوم (ترزي حريمي) يشير: في المقهى نقترب من بعضنا بعضاً، نشكو مشكلاتنا الشخصية وأحيانا نتحدث عن مشكلاتنا التي تمسنا جميعا وأهمها المعوقات البيروقراطية والإدارية في الأجهزة الحكومية التي تزداد وطأتها بفقدان القدرة على التواصل، فقد كنت وزوجتي منذ وقت قريب في أحد المستشفيات بسبب معاناتي من مشكلة في العظام وبدلا من أن أجد الرعاية والاهتمام وجدت من حولي لا يفهمون شيئا بل ويضحكون على لغة الإشارة التي أتعامل بها مع زوجتي، ومن المشكلات الأخرى التي تأخذ نصيبها في حديثنا عبر المقهى مشكلة تتعلق بعدم السماح للصم والبكم باستخراج رخصة قيادة رغم أن ذلك مسموح به في دول العالم المتقدمة.

ويضيف: ليست المشكلات وحدها هي محور أحاديثنا ولكننا نتحاور ونتسامر في موضوعات متنوعة كذلك نطلق الأفكار ونتناقش في إمكانية تنفيذها، فمن هذه المقهى آزرنا فكرة نبيل عبدالفتاح في تنفيذ جريدة تعبر عنا لكن الفكرة وإن نجحت في بدايتها؛ لم تستمر لعدم وجود دعم كافٍ من أي جهة.

الوجه الثاني

على الرغم من أنه المتنفس الوحيد لهم إلا أن الوجه الآخر له يضيف إلى معاناتهم معاناة جديدة.. يشير سعد سيد (عامل نظافة): رغم أن المقهى هو المكان الأقرب من مسكني والأفضل في لقائي بأصدقائي إلا أن الأسعار مرتفعة، لذا تتهمني زوجتي بتبديد أموال الأسرة ولو كان لنا ناد لكنت تجنبت كثيرا من المشاجرات الزوجية الساخنة!!

بينما يؤكد محمد بيومي (دبلوم فني) إن البكم من ذوي الاحتياجات الخاصة لكنهم لا يجدون احتياجاتهم من المجتمع.. والمقهى على رغم بعض إيجابياته إلا أنه قد يتسبب في بعض المشكلات أهمها نظرة المتحدثين لنا وكأننا عالم غريب نعاني نقصاً في عقولنا وليس في حاستي السمع والنطق مما يسيء إلى مشاعرنا ويثير لدينا أحيانا ردود فعل عكسية وعنيفة!!

يكرهون الكذب

جمال علي أحد العاملين في مقهى البورصة (مقهى البكم) يقول: لا أجد صعوبة في التعامل معهم لأنني وزملائي اعتدنا لغة الإشارة وفهمناها جيدا واعتدنا نوعية المشاريب التي يفضلونها، والتعامل معهم سلس بل إنهم أكثر وضوحا وصدقا من غيرهم، يكرهون الكذب ويتمسكون بموقفهم ولا يحيدون عنه، كذلك لهم من خفة الظل ما يجعلنا نألفهم سريعا ونعتاد وجودهم شتاء حتى الثانية صباحا، أما في الصيف فيمكثون لدينا حتى الصباح.

هيفاء
07-01-12, 03:07 AM
يعطيك العافية :(

دانيال
07-18-12, 11:35 PM
الله يعافيك...

توق
08-13-12, 10:11 AM
تسلمين دنووو

دانيال
08-30-12, 07:13 PM
الله يسلمك حبيبتي...

إحساس
09-04-12, 10:58 AM
الله يعطيك العافية دانيال على القصة

بوححَ ,!
09-04-12, 02:08 PM
-


تسسسلممَ آيديآتككَ , م ننحرممَ ..

دانيال
09-07-12, 07:38 PM
الله يعافيكم..